أفاد شهود عيان لصحيفة الجارديان البريطانية أن صاروخًا إسرائيليًا ضرب مقهى "البقعة" المطلّ على البحر في غزة، في وقت الظهيرة من يوم الاثنين، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 24 شخصًا وإصابة آخرين بجروح خطيرة. القصف حوّل لحظة هدوء نادرة وسط أكثر مناطق غزة اكتظاظًا إلى مشهد دموي.

من بين الضحايا المصوّر الصحفي الفلسطيني إسماعيل أبو حطب، والفنان المعروف دوليًا فرانس السلمي. وقال الجيش الإسرائيلي إنه "يُراجع العملية" مدعيًا أن الهجوم استهدف "عدة عناصر من حماس في شمال غزة".

وقال أبو النور، رجل في الستين من عمره، إنه خرج لجلب طعام وعند عودته سقط الصاروخ. "تطايرت الشظايا وامتلأ المكان بالدخان ورائحة البارود. لم أرَ شيئًا. ركضت نحو المقهى ووجدته مدمرًا، والجثث مبعثرة. كل العاملين قُتلوا. كانت هناك عائلة مع أطفالهم الصغار – لماذا يُستهدفون؟ المكان كان ملاذًا من ضغوط الحياة"، بحسب روايته.

وكان الشاب أحمد النيرب، 26 عامًا، يسير على الشاطئ القريب لحظة الانفجار. "كان المقهى مزدحمًا دائمًا بالعائلات، الإنترنت، والمشروبات. فجأة انفجر المكان. رأيت أجسادًا متفحمة ومقطعة تتطاير. كان مشهدًا مرعبًا"، قال لوكالة فرانس برس.

وقال شاب آخر يُدعى آدم، يبلغ من العمر 21 عامًا، يعمل في تأجير الطاولات والكراسي على الممشى البحري، إن الشظايا تساقطت عليهم، فاحتموا بالأرض، ثم هرعوا لموقع القصف.

وأضاف: "عرفت كل العاملين هناك. المكان كان ممتلئًا بالناس من مختلف الأعمار. ما شاهدناه لا يُوصف".

وتشير صور من موقع الحادث أظهرت جثثًا مغطاة بأغطية بيضاء، ودماءً على الأرض، وأشلاءً بين الأعمدة الخرسانية المحطّمة وسقف المقهى المهدم، وفجوة كبيرة إلى استخدام سلاح شديد التدمير.

وذكرت روايات الشهود وجود جثة طفل عمره أربع سنوات ورجل مسنّ فقد ساقيه، فضلًا عن إصابات مروّعة أخرى.

وقال الجيش الإسرائيلي،  إن "خطوات اتخذت لتقليل إصابة المدنيين"، من خلال "مراقبة جوية"، قبل تنفيذ الضربة.

كان المقهى، الذي صمد لأكثر من 20 شهرًا من الحرب، من الأماكن القليلة التي توفّر متنفسًا لسكان غزة. لكن الضربة مسحت هذا الملاذ الأخير.

وفي يوم القصف ذاته، قُتل 15 شخصًا آخرين في ضربتين إسرائيليتين بغزة، بحسب مستشفى الشفاء، فيما أفادت مصادر طبية وشهود أن القوات الإسرائيلية قتلت 11 فلسطينيًا آخرين كانوا يبحثون عن طعام في جنوب القطاع.

تتزامن هذه المجازر مع تصاعد الانتقادات الدولية لبرنامج "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) المدعوم أمريكيًا وإسرائيليًا، حيث دعت منظمات كأوكسفام وأطباء بلا حدود وأمنستي إلى حل المؤسسة بعد مقتل أكثر من 500 فلسطيني خلال محاولات الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء في الشهر الأخير.

وقالت المنظمات الإنسانية في بيان مشترك: "الفلسطينيون في غزة يواجهون خيارًا مستحيلًا: إما الجوع أو الرصاص"، في إشارة إلى حالات قتل لأشخاص أثناء محاولاتهم الحصول على الغذاء.

وفي ردّها، قالت "مؤسسة غزة الإنسانية" إنها وزّعت أكثر من 53 مليون وجبة وتبذل قصارى جهدها لإطعام المدنيين، ودعت المنظمات المنتقدة للانضمام إلى جهود الإغاثة بدلًا من توجيه الاتهامات.

الهجوم على المقهى جاء ضمن تصعيد إسرائيلي جديد يتضمن موجات مكثفة من الغارات، و"أوامر إخلاء" أُجبرت بموجبها عشرات الآلاف على ترك مساكنهم المؤقتة في مناطق واسعة من شمال القطاع.

حذّرت الأوامر من هجمات وشيكة، وطالبت المدنيين بالاتجاه جنوبًا نحو مناطق ساحلية مكتظة تفتقر إلى الماء والمرافق الأساسية. نحو 80% من قطاع غزة الآن إما خاضع لهذه الأوامر أو لسيطرة الجيش الإسرائيلي المباشرة.

الجيش أعلن عزمه التقدّم نحو قلب مدينة غزة، أكثر مناطق القطاع اكتظاظًا، لمواجهة مقاتلي حماس.

بدأت الحرب في 7 أكتوبر 2023 عندما شنّ مقاتلون تقودهم حماس هجومًا على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص، أغلبهم من المدنيين، وأسر نحو 250 آخرين.

أسفر ردّ إسرائيل حتى الآن عن مقتل أكثر من 56,500 فلسطيني، أغلبهم من المدنيين، وتشريد معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون، وتحويل أغلب مناطقه إلى أنقاض.

https://www.theguardian.com/world/2025/jul/01/aftermath-israeli-missile-strike-gaza-al-baqa-cafe-witness-accounts